كلما دخلت الحمام،
الداكن، استشعر نسمات شبحية تمر خارج الشباك الصغير. أخاف أن تقتحم هذه الوسوسة
أسلاك الشباك. اترقب. يهرب برازي وميلي العنيف للتغوط عندما ألحظ ظلالاً تبرق أسفل
قدمي. انفزع واقفًا من مقعدي الكنيفي المريح واسترق النظر عبر سلك الشباك. فأرى
رحاب جارتنا الصغيرة تختفي وهي تطلق ضحكة عالية وأسمع همساتها مع أختها. استشيط
حرجًا وغضبًا. أزيل خيوط العنكبوت الكئيبة من على السلك، واكمل تغوطي بينما عيني
ترقب شباك جيراننا الشبحي.
أضئ مصباح الغاز
لاستكمل دراستي النفسية. نوع جديد من الدراسة فأنا أعمل في مخزن كاوتش بعد انهائي
لكلية الهندسة. اتصل بأعطال الكهرباء وأسبهم ببذاءة. وافتح ورقة جديدة في دراستي
النفسية واسميها (رحاب)، وكتبت العناصر:
1/ 16 سنة (سن طفولي
هايف)
2/ غريزة تطفلية
3/ جمال آخاذ... ثم
نظرت إلى العنصر الثالث غير مقتنعًا بوضعه في نطاق دراسة نفسية. ولكني اقحمته
اقحامًا، وأعجبني وقعه في عقلي.
تركت الورقة على
عناصرها ولم أبدأ في التحليل لانعدام الوحي. ونزلت عند المغرب ذاهبًا إلى عملي
الكاوتشوكي.
أعمل على تخصيب هوايتي
الجديدة طول الطريق. فأمشي ناظرًا أسفل قدمي متأملاً الأشياء الملقاة على الأرض.سجائر.. أوراق مغلفات.. أوراق شجر.. أشياء تحمل أرواحًا كل مستقل بذاته. من خلالها
أتابع حقيقة العالم وتتكشف لدي ماهية الوجود، وأعيش في نشوةٍ مبهرة مع الأشياء.
إلا شيئًا واحدًا تحجبت حقيقته. استوقفي وظللت متأملاً فيه. ولم استطع أن ألمسه أو
أرفعه من على الأرض. إذ أن هذا أمر مُحرَّم في عرف الهواية. كانت ميدالية فضية
مكتوب عليها (رحاب) بالانجليزية. كسرت حاجز التحريم والتقطتها ولم أذهب لعملي. رجعت وصعدت سلالم بيتنا وتوقفت على المنوَّر. مددت رأسي بحيث استطيع أن أرى هل أحد
من عائلة رحاب بالبيت أم لا. كان شباك الحمام دون سلك ومضاء النور ليلاً. ها قد
نفعت البذاءات في جلب النتيجة. اكتشفت أن من زاويتي استطيع أن أرى مكان الاستحمام.
وبعد مدة غير متعينة من الانتظار ظهرت رحاب في المشهد عارية ولكنها خائفة. لم
تستطع أن تغتسل من دنسها واتجهت قلقة نحو الشباك. فوجدتني. لقطة امتدت لزمنٍ غير
متعين. عينانا متلاقيتان. رفعت لها الميدالية ورميت بها لها فالتقطتها ثم أوصدت
الشباك فجأة وسمعت نداءات صارخة تتقارب تجاه السلم بينما كنت في طريقي لاتغوط في
حمامي المضئ.
أحمد الصادق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق