الثلاثاء، 1 مايو 2012

الارتجالة الحادية والعشرون: جمعة الغضب


اليوم..أحاطت السماء العالم بلونٍ غباري خانق. ووقف الناس وبرزوا في كل أنحاء الأرض، التي تبدلت غير الأرض، كما السماوات.اليوم تبعثرت القبور السوداء وتفجرت منها أجساد كانت في عداد الأموات. إنما بُعثت للحياة من جديد. وبزغت في الآفاق رايات بيض وحُمر أحدثت هارمونية مع ألوان القبور القديمة. وأعلنت عن صحوتها الأولى. اليوم ليس نهاية العالم، حيث يعرض الخلق مذلولون مذعورون من حسابهم. إنما اليوم هو بداية العالم، ومن يُحاسِب هم الناس. يتحدون الأقدار التي أرهقتهم في أيام قبوعهم في القبور. ظل الناس بأعدادهم الخرافية يتزايدون وكأنه يوم الحشر. وينبشون قبور إخوانهم حتى يبعثونهم إلى الحياة معهم. ظلوا متشبثين بالأرض المقدسة يدافعون عن حياتهم لئلا يدفنون مرة أخرى في القبور. تصارعهم الأقدار بالدماء، ويصارعونها بالحياة. حتى انضمت السماوات على الأرض التي تشبه بقعة دم في الفراغ الكوني. وصرخ صارخ من الناس اهتز لها عرش واجب الوجود. دفن الكثير من الناس وعادوا لقبورهم. ولكن كلما يدفن فرد منهم ينبعث من قبره نورًا، وينقلب لونه الأسود إلى أبيض ناصع، يلمع تحت حدة السماء الغبارية. اشتد الوضع وتزايدت أعداد القبور المنيرة. وفجأة، انفرجت السماوات عن الأرض. واختفى الغبار. وعم الكون ظلامًا عميقًا كظلام غيابات العدم. وحل سكون وصمت سرمدي. وبقيت أنوار القبور مشعة.. يهتدي بها الناس في ظلامهم.



أحمد الصادق عن "جمعة الغضب"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق