[1]
طلبت رقمه الداخلي. يستغرب جمعها
بين دفء الصوت وحميمية المواضيع التي تختارها للحديث، وبين صرامة ملامحها،
والإيحاء بإجراء مكالمة عمل، الذي تمنحه لبقية الزملاء بالقاعة. يعرف أنها لا تود
التصريح بشيء قبل أن يتقدم رسميًا إلى ما لن يتقدم إليه، حرصًا على مشاريع أخرى
محتملة. خطر له لوهلة أنها تحدث غيره أيضًا، ثم تذكر أن ذلك لا يهمه..
-
عملت ايه ف ولاد أختك امبارح؟
غيرت للبت ندى تاني؟ متخيلاك وانتا محتاس!
-
مرمطوا أمي! ربنا يكون ف عون
أمهم.
-
انتا عشان خالي مش حاسس. دول
أكيد أحلى حاجة ف حياتها.
-
أنا برضه كنت أحلى حاجة ف حياة
أبويا. بس الحكاية دي مش فارقالي خالص الصراحة.
-
أكيد نفسك تخلف. بلاش بواخة. دي
سنة الحياة.
-
ده مكروه مش سنة. فرض كفاية
كمان. اعمليه انتي عني!
-
إزاي يعني؟!
-
أبويا جابني وسابني أتلطم ومات
وضميره مرتاح. أنا ضميري بيوجعني من دلوقتي. خلي ابني مطرح ما أهو قاعد بقى. هو
هناك أكيد مبسوط أكتر.
ظل لنهاية اليوم، ولأسابيع بعده،
يضحك من طريقتها الفجة المرتبكة في إنهاء المكالمة، ومن عدم تكرار الاتصال أبدًا.
أحس براحة لانقضاء الاحتمال. اتصل يؤكد حجز الطيران إلى تونس، حيث سينفق آخر مليم
من مدخرات العام.
[2]
ترك المنزل، بتثاقل جديد عليه،
ومضى إلى عمله. لاحظ طفلاً في السابعة يمشي خلفه. التفت إليه فوجده يقلد خطواته.
ابتسم وعاود المشي ثم عاود الالتفات المفاجئ. ابتسم الطفل وانزوى خلف إحدى
السيارات خجلاً. واصل اللعب غير مبال بتأخيره.
بنصف ساعة حذف رسالة بريد
إلكتروني قبل قراءة محتواها (عرض ترويجي لسفر رخيص)، وعلم بإلغاء الترقيات رغم
مرور السنين، وتراجع عن قرار مداراة مشيب فوديه.
أمضى بقية اليوم يقاوم رغبته في
مراقبة زميلته الجديدة ومعرفة حالتها الاجتماعية. يقاوم ويفشل.
الوصيف
خالد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق