الاثنين، 3 يونيو 2013

الارتجالة الثانية والثلاثون: أبدية


ثمة طقوس لا بد أن تُعدَّ. كانت راقدة أمامه بلا حراك. يلمس وجنتيها الشاحبتين بلون الموت. أخيرًا، وبعد سنوات طويلة توصل إلى السرَّ الأعظم.
ابتسم بركن فمه. نظر إليها في وَلَهْ. ستغادر مكعبات الثلج إلى الأبد، وستدب نار الحياة في أوصالها. قبل أن يبدأ إجراء الطقوس ضغط زر الكاسيت انبعثت موسيقى بيتهوفن في الخلفية. لقد كانت خير مُعين له في السنوات الماضية، ومُلهمًا حقيقيًا في تنفيذ أبحاثه المجنونة التي لا توجد علاقة بينها وبين العلم التقليدي المحترم. أو ربما هي وجه آخر له.
ما زالت كما هي؛ الطعنة القوية في الصدر، الدم المتجمد في الثقب، العينان المحدقتان في نقطةٍ عمياء. ربما هو الذهول، الذهول غير المُصدِّق أن حياتها انتهت على يد أقرب الناس إليها.
بتؤدة من تعلَّم أن يكون صبورًا، راح يُجرِّب طقوسه. كانت الخطوة الأخيرة في تحضير الإكسير أن يضع لترًا من دماءه في الوعاء الفضي. غرس النصل الحاد في ذراعه، لم تنزل قطرة دم واحدة، حدَّق أمامه في بلاهةٍ. غرس السكين في ذراعيه وساقيه وبطنه.. لا ألم، لا دم. نظر في المرآة؛ وجهٌ شاحب، عينان يشوبهما بيَّاض.
أدرك الحقيقة المستحيلة، أنزل عينيه في يأسٍ.. فتح باب الحجرة وغاب في الظلام.

عارف فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق