الاثنين، 6 يناير 2014

الارتجالة السادسة والثلاثون: ثلاث سيناريوهات.. محتملة


(1)

اتصلت بها ثلاث مرات، لم ترد عليّ إلا في المرة الأخيرة، وبهدوءٍ غريب! قالت إن (كله تمام، تيجي بالسلامة إنتا بس ..) كان في لهجتها شيءً لم أتبينه، فلما عدت للبيت فوجئت أنهم لم يحضروا أصلاً، ولمّا اتصلت بهم اعتذروا، وكانت تتنهد في ارتياح وتقول (يخرب بيت الدبانة دي) .. سألتها (دبانة إيه؟) فقالت بانفعال: (والله طلعت عيني طول اليوم، دي كانت هتجنني) وأخذت تحكي لي بانفعال حكايتها مع "ذبابة"!
ـ طيب، حصل خير، المهم هناكل حاجة انهاردة، ولا إيه؟!
نظرت لي نظرة ملؤها الغضب، وثارت فجأة، أخذت تتحدث عن عدم الاهتمام، وعن الأنانية، وعن أنني كل ما يهمني هو نفسي فقط، وأن الحياة الزوجية يجب أن يكون فيها مشاركة، وشعور بالآخر ..
أخذت تقول كلامًا كثيرًا غاضبًا، وتلوح بيدها ...حاولت أن أتمالك نفسي تمامًا، وسألتها بهدوء:
- هيا الدبانة دي كان لونها إيه؟
= أزرق و شكلها غريب، و ..
(2)
 لاشك أنها مجنونة، هذه المرأة التي صادف أني رأيتها بينما أفتح نافذة حمامي هذا الصباح .. كانت تبتعد عن شيء لا أراه بذعر غريب، تدور حول نفسها كمن يطارد شبحًا أو كمن .. هذه السيدة مجنونة بالتأكيد، أتذكر أني لم ألمح لها أي تصرف غريب، منذ سكنت في الشقة التي تقابلهم، قابلتها أكثر من مرة عند مدخل العمارة، ساعدتها مرات على حمل بعض أكياس الخضروات التي تجلبها من السوق، كانت تبتسم شاكرة وتغلق بابها، لم أسمع عنهم أي شيء غريب أو شاذ، إلا هذا الصباح، حركتها ليست طبيعية أبدًا، أنظر إليها مرة أخرى .. نعم، هي بالفعل تطارد ذبابة ..لمحتني وأنا أراقبها مدهوشًا ( فيه حاجة يا أستاذ؟!)
صـ صـ باح الخير يا فندم!
اكتسى وجهي بتلك الحمرة المعتادة .. تصنعت أني أغلق النافذة، بينما أعزم على العودة لأفهم ..ماذا تفعل؟!
(3)
 أقسم لكم أن حياتنا في البيوت مزعجة، لن تصدقوا، تعتقدون أننا نحد هناك كل ما نريد، أبدًا والله، أنا عن نفسي أحب التنقل بحريِّة أكبر في الهواء الطلق، تلك الحرية التي لا يمنحها الناس لنا إلا في الأماكن التي يتخلصون فيها من "زبالتهم"! ويقولون أن رائحتها منفَّرة، أنا لا أعرف عما يتحدثون، ولكنها أماكن محببة لي كثيرًا، أذكر أن آخر مرة لي في بيتٍ من بيوت الناس كانت الأكثر مأساوية في حياتي، حتى أني قررت أن أجتهد بعدها في ألا أعود إلى تلك البيوت أبدًا، كانت سيدة تبدو متوترة على الدوام، ما إن رأتني حتى استشاط غضبها، أخذت تروح وتجيء وكأنها رأت عفريتًا لا ذبابة بريئة! والمشكلة الكبرى أني لم أتمكن من الخروج من فتحة النافذة التي أتيت منها، أخذت أدور، وأرتفع إلى سقف الغرفة، وأظن أنها لا تراني، ولكن إذا بها تحضر "مقشة" كبيرة تطاردني بها، شعرت باختناقٍ شديد، لم ينقذني إلا صوت أزيز متصل، أبعدها عني، حتى تمكنت من الهرب.

إبراهيم عادل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق