الخميس، 22 مارس 2012

الارتجالة التاسعة عشر، ارتجالة نجيب محفوظ: ميرامار 2011



- محاولتها الوقوف أفزعته ليساعدها فسقط هو
- نهض مستندًا على كرسي الصالون المدهب
- كانت سقطته الأولى رغم تجاوزه الثمانين، ظل يفكر في سبب السقوط لفترة لم يدركها
ربما يكون هتاف التلفاز (الشعب يريد اسقاط الرئيس)
- عادت بعد وقت لم يعرفه تحمل صينية وكوبين من الشاي أخذه ووضعها
لم يسمع جملتها الأولى وسمع الثانية
كانت تسأله (إيه اللي شغلك في التليفزيون كده)
- الثورة
عادت تسأل (ثورة إيه هما هيشيلوا عبد الناصر)
- أشاح بيده وأعرض عنها تعوَّد محدودية إدراكها المحدود أصلاً بقرويتها
لم تعد تدرك أن عم عثمان البواب مات وحل ابنه محمد بديلاً له
وتظل كل صباح تنادي من بير السلم عليه قد يدرك محمد ويرد عليها هو أيضًا يائس من أن تدرك وفاة والده
- هي أيضًا تدرك أنه حين لا يرد على السؤال فإنه لن يرد عليها ثانية. العشرة الطويلة علمتها ذلك أخذت تسترجع ذكرياتها الأولى معه
(فتحت الباب فسألها بنسيون ميرامار)
- (ايوه يا سيدي)
- (عاوز أوضة)
أجلسته على كرسي الصالون المدهب وذهبت تخبر مدام ماري بقدومه
لم يهتم بزعيق (مرسي) و(ممتاز) وخلافهما على الثورة
عادت تسأله (ثورة ايه هيشيلوا محمد نجيب تاني)
تذكر محمد خولي الأرض المهمل ليس كأبيه وهو بعنفوانه حرامي لا يأتي في ميعاده أبدًان دائمًا يتكلم عن قلة المحصول
هذا أيضًا لم يهمه. بعد موت مدام (ماري) زينب لم تعد تحصل على إيجار الغرفة، رحل الجميع وبقى هو وهي وفقد البنسيون كل زبائنه. في بعض الأحيان يظن أنها زوجته
عادت تسأل (ثورة ايه) وهي تدرك أنه لن يجيب
انشغلت بالتريكو، فقدت اصابعها الكثير من ليونتها عوضتها المهارة المكتسبة بالسنين
البلوفر الأخير كان رائع صنعته من خيط أزرق، قالت لعبده أن يحضر لها صوف انجليزي أزرق، لكنه أحضر لها شيئًا أخر فيه بعض الصوف لكنه مخلوط بشئ أخر
حين انتهت أصرت أن تراه يرتديه وكانت ثورته عارمة
(عايزاني في السن ده البس بنفسجي)
عادت تسأله (ثورة ايه)
بلغ به الضجر حده وهو لا يستطيع إجابتها بأي من خوفه المزدوج
- إذا نجح هؤلاء هل يأخذون شئ من فدادينه الخمسين
- أم ينجح صلاح نصر في إخماد الثورة

إبراهيم السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق