الثلاثاء، 27 مارس 2012

الارتجالة التاسعة عشر، ارتجالة نجيب محفوظ: الحرافيش


بخطى حائرة ونظرات مشتتة يقف أمام أحد بائعي الجرائد يتابع بابتسامة بائسة عناوين الصحف التي كانت تتصدرها صورته يومًا ما..
يتأمل المارة ويتمزق بين الطمأنينة والحسرة من عدم معرفتهم به..
النظارة الشمسية السوداء تبتلع نصف وجهه ولحيته النابتة وصلعته المستجدة تجعله يستغرب شكله الذي بدا منعكسًا على مرآة أحد الفاترينات...
أيمكن أن يعود؟ لقد كان قاب قوسين من الوصول..
هل حقًا ضاع مجد الأسرة؟ أمه البائسة تكرر زياراتها التمثيلية للسجن من أجل إحكام الحبكة.. وأبوه القابع هناك ممنوع عليه زيارته..
يمر بالتكية وتتصاعد أغانيها الغامضة.. كاتش كادر ف ال ألو لو.. كامننا نا
يصل لميدان مصطفى محمود يذكره المكان بأنصاره الجبناء.. هل يمكن أن يعودوا ويستعيد المجد البائد.. لكنه يتذكر تجمعهم في العباسية وهتافهم لذوي الزي الموحد الكئيب.. يعود إلى التكية ويجلس طالبًا الكابتشينو
يرن هاتفه المحمول بذات الرقم فيدق قلبه.. يعرف أنه مُراقب وأنهم يعرفون جيدًا كيف يجدونه.. ترى ما هي التعليمات التالية؟
يرد. يستمع للتعليمات دون أن ينطق.. تدور في رأسه آلاف الخواطر يهرب منها ناظرًا لمرتادي المقهى ـ المخبرين المحتملين ـ يقف صارخًا.. مش هنفذ.. مش هنفذ.. فاهمين..
يجري في الشارع.. ملقيًا النظارة أيوه أنا هو.. أنا..
يستوقف أحد المارة: إنت مش عارفني؟ ويستوقف أخر: صدقني أنا هو.. صراخه يجمع المارة المحوقلين..
وهو يصرخ: أيها الأوغاد.. أيها الجبناء.. اللعنة عليكم جميعًا . اللعنة عليكم.

طارق رمضان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق