عن أمها ورثت هاتين
المحلقتين في الفراغ أبدًا، وعنه ورثت حب هذا الفراغ والشغف به..
كان الرعب الأكبر في
حياتها، ألا تستطيع دراسة ما تحبه يومًا.. كانت تعتنق ما غرسه أبوها منذ صغرها
الأبعد من أن الحب دون معرفة هو حبٌ مُفرَّغ..
"أنت تستطيعين أن تحبي
ألف رجلٍ، وتظلين معلقة بينهم طويلاً.. لن تهبطي من فضاءك إلا على أرض من تعرفيه
منهم... إعرفي ما تحبيه توفيرًا للوقت والجهد"..
خافت كثيرًا جدًا، ولكنها
قررت أن تعرف...
حتى في وهنه، ظل يدفع
محركات روحها المترددة..
"إعرفي هذا السر..
أبوك لم يمتلك عيني أمك، فلم يستطع.. أما أنت، فستعرفين".
كانت قد اعتادت أن تدخل
كلماته إلى تلك المضخة بداخلها وتخرجها أفعال... أفعال.. فقط.
لذلك أجلَّت إعلان حبه إلى
أن تنتهي مما يشغلها.. كانت ترجح أنها ستجد وقتًا كافيًا فيما بعد لهذا.. لكل
هذا...
وحين خلت شقتها إلا منها..
تطلعت إلى صورته التي رسمها الفراغ أمام عيني أمها المحلقتين.. كتمت جرح العينين
بالبُن الكثيف، وبالإنغماس في دراسة كيف خَفْ وخَفْ إلى درجة صعوده تاركًا إياها
مشدودة إلى الأرض!!
هي لم تفلح.. لم تعرف...
يوم إعلان النتيجة ضحكت
طويلاً.. طويلاً.. اهتزت سقطت إلى الأرض أكثر.. مالت على جنبها متمرغةً.. حاولت
كتم ضحكاتها.. ضحكت أكثر.
عند الفراغ المعشوق
نظرت إلى السماء.. تطلعت
إلى ما يبدو لها ظلاً لا يزول.. وسَّعت عينيها إلى أقصى اتساع. حاولت أن تحتوي كل
ما تدركه ولم تعرفه.. تحبه ولم تتمكن منه.. تريده
خلعت أخر قطعة ملابس عن
جسدها الواهن.. فردت ذراعيها.. أغمضتهما فجأة ببطء، ارتفعت قدماها.. علَّت.. لم
تشعر بابتسامتها إذ سبحت في معشوقها.. وحلَّقت..
هناء
كامل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق