الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

ببليوجرافيا نجيب محفوظ

في عالم نجيب محفوظ الرحب الواسع تفاصيل كثيرة وحكايا لا تنتهي، لذلك يبدو من الصعب أن تحتوي هذه الصفحات القليلة كل ذلك، فضلًا عن كونه الأديب العربي الأشهر، فهو الوحيد الحائز على نوبل، وهو الشخصية التي تلقَّفت سيرتها الثرية وأعمالها الخصبة مئات من الكتب والدراسات والأعمال الإبداعية على اختلاف أشكالها ودرجاتها ولغاتها أيضًا. فقد بدأ صاحب نوبل رحلته الأدبية بكتابة القصة القصيرة في عام 1936، ثم اتجه إلى الرواية التاريخية حيث نشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني، ثم الرواية الاجتماعية، فتنوعت أعماله، وكان يستمد موضوعاته من أكثر من مصدر، بين تجارب ذاتية أو خبرات إنسانية عامة.
ثم انتقل نجيب محفوظ إلى كتابة الروايات ذات المضمون الواقعي التي تعالج هموم وفكر والمجتمع المصري، فنقل في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة معبرًا عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية. كما صوَّر حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع، غير أن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعًا فلسفيًّا رمزيًّا كما في رواياته "أولاد حارتنا" و "الحرافيش" و "رحلة ابن فطومة". وقد صدر لنجيب محفوظ ما يزيد على الخمسين مؤلفًا من الروايات والمجموعات القصصية. وتُرجمت معظم أعماله إلي 33 لغة في العالم.
لذا كان من الطبيعي أن يحظى محفوظ ككاتب له خصوصيته بعدد هائل من الدراسات النقدية، والبحوث الأكاديمية، والمقالات، والاهتمام الإعلامي فى مصر والعالم العربي، بل تطرق هذا الانتشار إلى كثير من المنابر الأدبية خارج العالم العربي، حيث احتفى به كثير من المستشرقين بدراسات وبحوث ضافية لعلمهم بأهمية إبداعه الذي يضاهي –بل يتفوق أيضًا- على الإبداع العالمي شرقه وغربه.
ويأتي هذا العمل الببليوجرافي (البانورامي) ليكون حلقة في تلك السلسلة المتصلة بلا انقطاع، مجسِّدة الرحلة الإبداعية المحفوظية الطويلة التي بدأت مع ظهور أول أعماله الأدبية إلى أن رحل في 30 أغسطس 2006 عن عمر يناهز خمسة وتسعين عامًا، عاشها أديبًا وكاتبًا وسينمائيًّا وإنسانًا يجمع داخله حب الناس وحب الإنسانية وحب الحياة وحب الموت أيضًا كما قال في أحد حواراته وشهاداته الشهيرة.
وقد قام على إنجاز هذا الجهد الكبير الناقد الأستاذ شوقي بدر يوسف، وهو من النقاد الجادين الذين يعملون في صمت ودأب وإخلاص، وهو من أحرص النقاد على متابعة ما تصدره المطابع في مجالات الإبداع المختلفة بالتركيز على النقد التطبيقي. إضافة الي دوره المهم في إثراء الحياة الثقافية بالإسهامات التي يكاد ينفرد بها، وهي الأعمال الببليوجرافية التحليلية النقدية للإبداع الأدبي والمبدعين. وله من المساهمات الفاعلة في حركة النقد العربية والمحلية الشيء الكثير، فقد صدر له العديد من الكتب النقدية منها : ضياء الشرقاوي وعالمه القصصي - رحلة الرواية عند محمد جلال - الرواية في أدب سعد مكاوي - ببليوجرافيا الرواية في إقليم غرب ووسط الدلتا - تطور القصة القصيرة في الإسكندرية - متاهات السرد : دراسات تطبيقية في الرواية والقصة القصيرة - الرواية والروائيون.. وغيرها كثير.
أما النشر فقد تولاه المجلس الأعلى للثقافة، وهو واحد من المؤسسات الكبرى -الحكومية غير الربحية- المعنية بالثقافة والفنون والآداب في مصر والعالم العربي، ويعد النشر من أنشطته الهامة والمحورية، حيث تصدر عنه مجموعة كبيرة من السلاسل مثل : أبحاث المؤتمرات – روائع الأدب العربي – رواد الفن القصصي – الكتاب الأول.. وغيرها، فضلًا عن تبنيه لواحد من أكبر المشروعات الثقافية في مصر وهو "المشروع القومي للترجمة". وقد خصص المجلس الأعلى للثقافة عام 2011 ليكون "عام نجيب محفوظ"، وتحت هذه المظلة نُشر هذا العمل الببليوجرافي الضخم.
وعودةً إلى العمل الذي بين أيدينا ؛ فقد تضمًّن حصرًا بما ألَّفه نجيب محفوظ وما أُلف عنه وعن أعماله الإبداعية، على اختلاف أشكال وأنواع تلك المؤلفات –له وعنه- بين قصص قصيرة وروايات وأعمال سينمائية ومقالات وكتب وفصول من كتب ورسائل أكاديمية، ولم يغفل اللقاءات والحوارات والتحقيقات والملفات الصحفية كذلك، منذ أول عمل نُشر له أو عنه، حتى عام 2011.
وقد بدأت الببليوجرافية بمقدمة وافية تناولت أهمية العمل والهدف من إعداده وكيفية تنظيمه وترتيبه، والمصادر التي تم الاعتماد عليها، وغير ذلك من العناصر المنهجية التي تساعد المستفيد في التعامل مع القائمة بصورة أكثر وضوحًا وسهولة. ثم انتقل المؤلف إلى عرض السيرة الذاتية (البيوجرافيك) الخاصة بنجيب محفوظ، ملقيًا الضوء على أهم المراحل التي مرَّ بها والمحطات الفارقة والمحورية والمؤثرة في تاريخه، منذ مولده عام 1911، حتى وفاته عام 2006.
أما الجسم الرئيس للعمل، فقد جاء مقسَّمًا تقسيمًا مركبًا على مستويات عدة ؛ وكانت البداية بثمانية أقسام تعكس الأنماط الإبداعية المختلفة عند نجيب محفوظ، وقد أتت على هذا النسق:
1.                مؤلفاته وما كُتب بشأنها من دراسات.

2.                الدراسات الأكاديمية.
3.                الكتب التي تناولت أعماله.
4.                الدوريات التي تناولت أعماله.
5.                ببليوجرافيا الرحيل
6.                الحوارات واللقاءات
7.                القصة القصيرة
8.     السينما
وفيما يأتي تفصيل ذلك:
أولًا: مؤلفاته وما كُتب بشأنها من دراسات:

        وقد عُني هذا القسم برصد العالم الروائي لنجيب محفوظ باعتباره المحور الأكثر أهمية بالنسبة له، وتم ذلك من خلال التعامل مع كل رواية كوحدة مستقلة بذاتها. حيث قام بترتيب الروايات زمنيًّا من الأقدم إلى الأحدث، ويتم العرض الببليوجرافي لكل رواية على النحو التالي:


  (1)     عرض عنوان الرواية وبعض البيانات الأساسية كالناشر ومكان النشر وتاريخ النشر، وما إذا كان قد سبق نشرها مسلسلة في إحدى الدوريات أو الصحف أم لا.
       (2)     اقتطاع جزء مهم من الرواية وتقديمه، وقد تم اختيار مقطع مما يمكن اعتباره نقطة فارقة تبرز مضمون الرواية وتوجهها وهويتها.
       (3)     حصر الكتب أو الأجزاء المستقلة من الكتب (الفصول) التي تناولت هذه الرواية بالعرض أو النقد أو التحليل.
        (4)             حصر مقالات الدوريات التي تناولت هذه الرواية بالعرض أو النقد أو التحليل.
      (5)عرض جزء مهم من إحدى المقالات النقدية عن الرواية لأحد الكُتاب والنقاد البارزين.
       وقد رُتبت الأعمال في الأجزاء الحصرية ترتيبًا زمنيًّا، حيث بدأ بالدراسات والمقالات الأقدم فالأحدث. وتم تكرار هذا العرض الببليوجرافي الشامل مع كل عمل روائي على حدة، وكان مجموع الأعمال الروائية أربعة وثلاثين، باستثناء كتابي "أمام العرش" الذي يعتبره بعض النقاد عملًا روائيًّا، ويعتبره البعض الآخر رؤية محفوظية لمحكامات حكام مصر منذ الملك مينا حتى السادات، وكذلك كتاب "أصداء السيرة الذاتية" الذي يعد عملًا أقرب إلى السيرة الذاتية تداخلت فيه أصوات الذكريات مع بعض المدونات الخاصة التي يعبر من خلالها عن واقعه الذاتي الخاص والعائلي.
ثانيًا: الدراسات الأكاديمية.
        وفي هذا القسم كان هناك حصر شامل لدراسات الماجستير والدكتوراه التي أعدت في جامعات مصر عن محفوظ وإبداعه على تنوُّع أشكاله، وبلغ عددها اثنين وأربعين. وكان الترتيب المعتمد هنا هو الترتيب الزمني من الأقدم فالأحدث، وهو النسق التنظيمي المتبع في هذا العمل بصفة عامة عبر أقسامه المختلفة.

ثالثًا: الكتب التي تناولت أعماله.
        وفي هذا القسم كان الحصر الببليوجرافي للكتب التي تعرضت لنجيب محفوظ وإبداعه بصفة عامة، سواء ما يتعلق بشخصه وتكوينه الأدبي والإبداعي، والعناصر الفنية لأعماله ومعاركه الأدبية وغير ذلك. وكان الترتيب المتبع هنا أيضًا ترتيبًا زمنيًّا. وبلغ عدد الكتب التي تم تجميعها في هذا القسم 121 كتابًا.

رابعًا: الدوريات التي تناولت أعماله.

        خُصص هذا القسم لحصر مقالات الدوريات التي كُتبت عن محفوظ على المستويين الشخصي والأدبي، سواء تلك منشورة ورقيًّا في الدوريات المطبوعة أو إلكترونيًّا عبر مواقع الإنترنت. وتم العرض هنا على قسمين أيضًا:
الأول: المقالات التي كُتبت عنه قبل حصوله على جائزة نوبل.
                الثاني: المقالات التي كُتبت عنه بعد حصوله على جائزة نوبل.

     خامسًا: ببليوجرافيا الرحيل.
        وفي هذا القسم تم حصر المداخلات والمقالات والملفات والأعداد الخاصة والتذكارية التي صدرت عن محفوظ بعد وفاته مباشرة في 30 أغسطس 2006، حيث أفردت معظم الصحف والمجلات المصرية والعربية أيضًا -كالأهرام وأخبار الأدب والقاهرة ووجهات نظر وأدب ونقد والثقافة الجديدة والهلال والمحيط الثقافي والدستور الأردنية ودبي الثقافية وأخبار الخليج، وغيرها- ملفات وأعدادًا تذكارية احتفت بنجيب محفوظ وإبداعه وحياته وأثره على الأدب العربي. وتم حصر بعض المقالات المنشورة في بعض مواقع الويب.
     سادسًا: الحوارات واللقاءات.
        حصر هذا القسم اللقاءات والحوارات والتحقيقات الصحفية التي أجريت معه في مختلف الصحف والمجلات المصرية والعربية، وتم تقسيمها إلى قسمين أيضًا كما حدث مع الدوريات:

الأول: الحوارات واللقاءات التي أُجريت معه قبل حصوله على جائزة نوبل.
               الثاني: الحوارات واللقاءات التي أُجريت معه بعد حصوله على جائزة نوبل.

   سابعًا: القصة القصيرة.
        تعد القصة القصيرة هي المحور الثاني في الأهمية في عالم نجيب محفوظ، لذا أُفرد لها قسم وافٍ من هذا العمل، حيث تم حصر ما نُشر لمحفوظ في الدوريات المختلفة، بدءًا من أول قصة نُشرت له بمجلة السياسة عام 1932. أما المجموعات القصصية التي صدرت له –وبلغ عددها 18 مجموعة- فقد تم التعامل معها بالطريقة نفسها التي تمت مع الأعمال الروائية في القسم الأول مع إضافات بسيطة:

(1)             عرض عنوان المجموعة القصصية وبعض البيانات الأساسية كالناشر ومكان النشر وتاريخ النشر.
(2)             عرض قائمة محتويات المجموعة القصصية.
(3)             اختيار قصة من المجموعة تعبر عن توجه المجموعة القصصية وهُويتها.
(4)     حصر الكتب أو الأجزاء المستقلة من الكتب (الفصول) التي تناولت هذه المجموعة بالعرض أو النقد أو التحليل.
(5)             حصر مقالات الدوريات التي تناولت هذه المجموعة القصصية بالعرض أو النقد أو التحليل.
(6) عرض جزء مهم من إحدى المقالات النقدية التي تناولت المجموعة القصصية لأحد الكُتاب والنقاد البارزين.  
ثامنًا: السينما.
        في هذا القسم تم تقديم قائمة أطلق عليها المُعد اسم "فيلموجرافيا"، حصر فيها جميع السيناريوهات التي قام بإعدادها محفوظ خلال حياته، وكذلك الروايات والقصص التي تحوَّلت إلى أفلام، كل ذلك في ترتيب زمني حسب تاريخ عرض الأفلام، بدءًا بسيناريو فيلم "المنتقم" الذي أخرجه صلاح أبو سيف وعُرض عام 1947، وانتهاءًا بفيلم "أصدقاء الشيطان" المأخوذ عن رواية الحرافيش للمخرج أحمد ياسين وعُرض عام 1988 وهو العام الذي فاز فيه محفوظ بنوبل، وقد بلغ عددها 61 فيلمًا. كما تم حصر الكتب التي صدرت عن سينما نجيب محفوظ من كافة جوانبها، وكذلك الدراسات والمقالات التي نُشرت في الدوريات أو كفصول داخل كتب، وتم ترتيبها ترتيبًا زمنيًّا أيضًا.

وقد أشار المعدّ في مقدمته إلى اعتماده على بعض الجهود الببليوجرافية التي سبق إنجازها، منها على سبيل المثال الببليوجرافيات التي قامت على إعدادها وإصدارها دار الكتب والوثائق القومية بعنوان "نجيب محفوظ في المرآة"، و"نجيب محفوظ: ببليوجرافية بأعماله المنشورة في الدوريات" وهما جهدان كبيران* لكنهما يركزان بشكل أساس على الحصر والتجميع، أما هذا العمل فهو يركز على الجانب التاريخي والتحليلي والنقدي، حيث تم إعداده ليكون حصرًا (ناطقًا) بإبداعات نجيب محفوظ ورؤاه ونقاده ومريديه.
أما عن المعلومات التي تُقدم عن كل عمل من الأعمال التي تم حصرها فقد اختلفت باختلاف طبيعة المادة، كما يأتي:

 -       الأعمال الروائية لمحفوظ:
(عنوان الرواية – مكان النشر – الناشر – سنة النشر – هل نُشرت الرواية مسلسلة في إحدى الدوريات أو الصحف أم لا؟).
 -        المجموعات القصصية لمحفوظ:
(العنوان – مكان النشر – الناشر – سنة النشر)، بالإضافة إلى قائمة بمحتويات المجموعة.
-          الكتب:
(العنوان – المؤلف – بيانات النشر)، بالإضافة إلى عرض لمحتويات كل كتاب طبقًا لتوجهه النقدي والبحثي والتاريخي.
 -          فصول الكتب:
(عنوان الفصل – عنوان الكتاب الذي تضمَّن هذا الفصل – بيانات الكتاب نفسه من عنوان ومؤلف وبيانات نشر).
 -          الدراسات الأكاديمية (الماجستير والدكتوراه):
(عنوان الرسالة – الباحث – المشرف – الجامعة والكلية – سنة الإجازة).
 -           مقالات الدوريات:
(عنوان المقالة – المؤلف – عنوان الدورية أو موقع الإنترنت إن كانت منشورة إلكترونيًّا – مكان النشر – العدد – السنة – رقم الصفحة والعناصر الأخيرة خاصة بالمقالات المطبوعة).
 -           الأفلام السينمائية:
(عنوان الفيلم – سنة العرض – ما إذا كان الفيلم مأخوذًا عن رواية لمحفوظ أم قصة قصيرة، أو ما إذا كان محفوظ هو كاتب السيناريو أم السيناريو والحوار معًا، أم كان مشاركًا في كتابتهما – المخرج).
وقد سبقت الإشارة إلى أنه يقدم جزءًا صغيرًا من كل رواية، وقصة كاملة من كل مجموعة بما يعكس الرؤية العامة للعمل وتوجهه،  فضلًا عن المقتطعات من المقالات النقدية المهمة التي يقدمها عن كل عمل روائي أو قصصي.
وقد أُخرجت هذه الببليوجرافية في مجلدين جيدي الطباعة والتجليد، وكان الجزء الأول أكثر ضخامة حيث بلغت صفحاته 934 صفحة، فقد احتوى هذا الجزء على أربعة أقسام من الثمانية التي تم التعرض لها سابقًا، لكن غزارة الجانب الروائي هو ما أدى إلى تضخمه بهذه الصورة. أما الجزء الثاني فقد احتوى على الأقسام الأربعة التالية، لكنه كان أقل حجمًا إذ بلغت صفحاته 363 صفحة. وجاءت الصفحة على عامود واحد ومُيزت عناوين الأقسام وعناوين الروايات والمجموعات القصصية وغيرها من المداخل الرئيسة بأبناط أثقل وأكبر حجمًا، وتميز الخط والإخراج المادي عمومًا بالجودة والوضوح.
إلى هنا ينتهي العرض المنهجي لهذه الببليوجرافية الضخمة التي توفر على إعدادها واحد من خيرة النقاد والباحثين في الحقل الأدبي، واتضح من خلال هذا العرض حجم الجهد الذي بُذل ليخرج العمل على هذه الصورة الراقية. فقد غطت الببليوجرافية كل ما يتعلق بنجيب محفوظ سواء ما كتبه أو ما كُتب عنه على اختلاف أشكاله وأنماطه، من المقالات والدراسات النقدية التي نُشرت في الكتب أو الدوريات عن عالمه الأدبي والإبداعي والسينمائي، إلى رسائل الماجستير والدكتوراه، مرورًا بالحوارات واللقاءات والتحقيقات الصحفية التي تمت معه أو نُشرت احتفاءً به في ذكرى رحيله أو غيرها من المناسبات، وانتهاءً بالأعمال السينمائية وسيناريوهات الأفلام التي أعدها أو ساهم في إعدادها.

وتم اتباع أسلوب الترتيب الزمني في عرض كل تلك الأعمال على اختلافها، مع تقديم مقتطفات ومقتطعات من أعماله الروائية والقصصية، وكذلك من الأعمال النقدية التي تناولت عالم محفوظ وإبداعه. وقد ساعد هذا العرض الببليوجرافي التاريخي التحليلي النقدي على الإلمام بمعالم التطور التي طرأت على العالم الإبداعي لمحفوظ من كافة وجوهه، وتلمُّس الجهد الضخم الذي بذله الكاتب طوال عمره الأدبي، والجهد الموازي له من الدراسات والبحوث التي تناولت هذا الإبداع وتعرضت له بأشكال مختلفة. كذلك يمكن من خلال هذا النسق الببليوجرافي المتميز وضع اليد على أسباب الجدل والخلاف الذي ثار حول الكثير من إبداعاته الروائية ؛ من خلال الاطلاع على هذا الكم الكبير من العناوين المجموعة في مكان واحد، والتي تعكس كافة أشكال الصياغة والأنساق والقضايا التي أثيرت حول الأديب الكبير وعالمه.
وكان هناك حرص على أن تكون البيانات أكمل ما يكون، إلا فيما قلَّ، كما اتسم عرض المعلومات بقدر كبير من التوحيد في النسق والترتيب رغم أن المسئول عن العمل لم يعتمد على أية قواعد مقننة للوصف الببليوجرافي ؛ ربما لأنه ليس متخصصًا في حقل الببليوجرافيا، لكن ذلك لا يقلل أبدًا من قيمة المادة المرجعية التي تمتعت بكثير من الدقة والاكتمال والتوحيد.
واتسم العمل أيضًا بمقدمة منهجية وافية لم تترك شاردة ولا واردة حول الببليوجرافية وتنظيمها وملامحها إلا وتعرضت لها بالشرح والتوضيح، فضلًا عن السيرة الذاتية التي عرضت لأهم ملامح حياة نجيب محفوظ والمحطات التاريخية المؤثرة فيها. لكن العمل افتقر إلى قائمة محتويات كان في مسيس الحاجة إليها نظرًا لتشعب طريقة تنظيمه وضخامته، وكان من المفيد أن تُرقَّم التسجيلات لتيسير الإحصاء وتحديد الملامح الكمية للعمل.
لذلك كله فإن هذه الببليوجرافية تعد بمثابة هدية غالية لقطاع عريض من المستفيدين الذين تتنوع فئاتهم بين قارئ عادي ومثقف عام أو عاشق لأدب نجيب محفوظ وإبداعاته، وبين متخصص في دراسات الأدب العربي والتاريخ، وتحديدًا أولئك الذين يتوفرون على إعداد الدراسات والبحوث العلمية الرصينة، والرسائل الأكاديمية، التي ستكون هذه القائمة عونًا حقيقيًّا للقائمين بها. ولتعميم الفائدة فإنه يجدر اقتناؤها في مختلف المكتبات ومراكز المعلومات، وليس أهم من تواجدها بمكتبات كليات الآداب والتربية واللغات، ومكتبات المراكز العلمية والمعاهد المتخصصة في الدراسات الأدبية والنقدية واللغوية، فضلًا عن المكتبات العامة بوصفها تخدم قطاعًا واسعًا من المستفيدين مختلفي التخصصات والتوجهات. وليس أفضل من تحويلها إلى الشكل الإلكتروني لتتاح عبر الويب وتصل إلى قاعدة جماهيرية أكثر اتساعًا.
وأخيرًا فإنه لا يسعُ المتفحص في هذا الجهد والمتأمل له إلا أن يقف بإعجاب وعَجَب شديدين ليتساءل عن عدد السنوات التي قضاها ذلك الناقد المجيد الأستاذ شوقي بدر يوسف في إعداد هذا العمل البانورامي التحليلي الهائل -حجمًا ومحتوى- في صمت وصبر وأناة وطول بال، مُنفقًا من جهده وماله وصحته في التجميع والحصر والتتبع التاريخي والتناول النقدي، ليُخرج لنا في النهاية عملًا قيِّمًا قد تعجز المؤسسات بكل إمكانياتها المادية والبشرية عن إتمامه على هذه الصورة. ومن المؤكد أن هذا الرجل المنكر لذاته قد وهب نفسه لهذا الطريق وضحى في سبيله بالكثير. وأراه يستحق أن يُعرَّف بجهوده ويُحتفى بها ويكرَّم عليها، فهو أقل شيء يمكن تقديمه لمن عشق مجال عمله وأفنى فيه ذاته على هذا النحو، وقليلٌ ما هم.

إيناس عباس

* دار الكتب والوثائق القومية. مركز الخدمات الببليوجرافية والحساب العلمي. نجيب محفوظ في المرآة: ببليوجرافية عن صاحب جائزة نوبل/ مركز الخدمات الببليوجرافية والحساب العلمي.- القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2003.- 87، 103ص. وقد نُشر عرض وتقييم لهذا العمل في: "الفهرست"/ إعداد إيناس عباس توفيق خضر.- س3 ع12 (أكتوبر 2005).
و: دار الكتب والوثائق القومية. مركز الخدمات الببليوجرافية والحساب العلمي. نجيب محفوظ: ببليوجرافية بأعماله المنشورة في الدوريات/ مركز الخدمات الببليوجرافية والحساب العلمي.- القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2009.- 187ص. وقد نُشر عرض وتقييم لهذا العمل في: "الفهرست"/ إعداد سامية حسين فهمي.- ع 29 (يناير 2010).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق