الاثنين، 30 سبتمبر 2013

الطريقان



يقول الشيخ عبد ربه التائه :-"الهجر" مكتوب علي صحيفة تحت رأسه يوم ولد.


***
وتمضي السنوات..بلا أب أنا..وأنا..نتاج لحظة عبث كبري..نتاج غفلة قميئة من الزمن..وأنا ، بحاجة اليك لأتقوت..لأرفع الذل وأحيا في ملذاتك وتحت اسمك
***
وتمضي السنوات..بلا أب أنا..وأنا..نتاج لحظة متعة كبري..نتاج سبق اصرار لا أعرف كنهه..وأنا بحاجة اليك لأعرف..
***
يقول الشيخ عبد ربه التائه:- تتفق المنابع، ويتفرق الماء.. أنهارا عذبه مُروية، وترعا موحلة
***
تدور به الأيام؛ فيسقط
ويتعب ..ويزداد حنقه علي أمه وعلي الناس
يتخلي عنه الجميع، وتذهب أمه تاركة صورتها ووصية بالبحث عن والده..ينظر الي صورتها،  فيري وجه أبيه
***
تدور به الأيام..يطيب قلبه ويمتليء بالحب لمتبنيه، لزوج متبنيه..وحتي لابنهما الشقي..تدور به الأيام، عمل وشقاء وحب..ورضا عن العالم..ولحظات السكينة والهدوء علي سور التكية، تلك التي تحمّله صفاء فوق صفائه، فيزداد حبا للعالم وتسامحا معه..وشيئا فشيئا..يتعلم ان يحب حتي أمه..ويشتد تعلق قلبه بالتكية، وينظر خلف أبوابها المعتمة، فيري  وجه أبيه..
***
يقول الشيخ عبد ربه التائه:- ابحث..ابحث لعلك تجد
***
ماذا بعد الخطيئة التي شدك اليها البحث المضني والاحباط المتكرر!
ماذا الا خطيئة أشد
ماذا الا القتل!
***
ماذا..بعد حب الناس، وقتال الناس..ماذا بعد جمع الحرافيش وتقويتك بهم
ماذا الا استجلاب الحق المنتهك
ماذا الا الأخذ بقوة!
***
يقول الشيخ عبدربه التائه:- السجن يجمعهما..والسجن يفرقهما

***
في بؤرة عتمته وعطنه..يلتقيان..
ينظر له عاشور بدهشة:- كل هذا ولم تجد أباك؟
يبتسم صابر بمرارة متهكمة:- وهل وجدته أنت؟
يهبط عاشور بوجهه الي الأرض، يضيع السؤال، وتضيع خلفه أسئلة أخري كثيرة
***
يقول الشيخ عبد ربه التائه:- ابن حرام، بحث عن أبيه في كل أماكن الدنيا ولم يجده..وابن حرام، التمس المكان الوحيد الذي يملكه؛فوجده
***
الاعدام..وماذا غير الشنق ينتظر رجلا فشل في ايجاد أبيه..وكأن ايجاده مسؤليتي..وكأن من حقه ان يرميني ومن واجبي أن أجده..وكأن..
يقول له المحامي:- يا بني..أنا رجل قانون..مصيرك بيد القانون وحده
يتوسل: - اسد لي خدمة وحاول الاتصال بأبي
يتنهد المحامي قائلا:- "الاتصال به ان لم يكن مستحيلا فهو يستلزم وقتا لن يتسع لك..

آه..الذكري التي تموت وهي علي طرف اللسان، وتشكيلات السحب التي تعبث بها الرياح..وعصارة الألم المنصهرة وراء القضبان ..والسؤال الاعمي، والجواب الغشوم!!"( 1)
***
تحت سور التكية، بعد مرور العمر..يرقد مسترجعا تفاصيل حياته..ولا يدري كيف ولا متي تذكر صابر..وتساءل عن مصيره ..تنهد
"وسبح في الظلام صرير؛فرنا الي الباب الضخم بذهول..رأي هيكله وهو ينفتح بنعومة

 وثبات، ومنه قدم شيخ درويش، كقطعة متجسدة من انفاس الليل"(2)
الآن يري وجه أبيه..

***
يقول الشيخ عبد ربه التائه:- الوصل..مكتوب في صحيفة تحت رأسه يوم رحل..
  ***
                                                                                                                    هناء كامل


(1) من نهاية النص الأصلي (الطريق) بتصرف
(2) من نهاية النص الأصلي (الحرافيش)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق