تقول الأسطورة أن الباب يقود صاحبه للجنة المنشودة. فقط عليك أن تدفع
لصاحبها ألفًا من الجنيهات ليوم واحد، ثم تعيدها إليه. لا تظن أنك التعيس الأوحد
في الكون، وعليك أن تتعلم إهداء السعادة التي ستنالها للآخرين بأن تسمح بتداول
الباب بين أكبر قدر ممكن. باب أزرق عريض، ورفيع في ذات الوقت وكأنه شريحة مضغوطة.
يمكنك أن تلصقه على أي جدار في صالة المعيشة، أو حجرة نومك، أو شرفة منزلك. ثم
تضغط براحتيك عليه.. لاحظ أن يكون هذا برفق شديد.
ستجد نفسك في عالم مبهر. ستقابل حبيبتك. قد تكون ماتت أو شاخت أو تحولت عنك
لآخر. لا يهمّ. المهم أنك ستجدها هناك متألقة كزهرة نضرة في يوم ربيعي منعش. ستملك
قصرًا شاهقًا يطلّ من فوق قمة جبل عالٍ، قوس قزح يتجسد على مساحة واسعة هي الأفق
ذاته. هناك روائح جميلة، سوف تسري لخياشيمك، وتعبث بقشرة مخك الرمادية، وتثير لديك
أحلام الطفولة الأثيرة.
أنت لا تصدقني..أليس كذلك؟ دعك من هؤلاء الذين عادوا ولم يتحدثوا عن
سعادتهم تلك. دعك من الحزن المحفور في عيونهم، والحسرة التي تطلّ من كل ملمح في
وجوههم. دعك من خرسهم، وعدم قدرتهم على الوصف. تجاهل الدموع التي تسيل. دموع قد
يحار مثلك في فهمها! إنها دموع الفرحة يا أحمق! أو دموع الفراق. لقد ارتكبوا أخطاء
جعلتهم يخرجون من جنتهم هذه! وغالبًا أنت ستفعل مثلهم!
الفارق الوحيد أنهم ارتكبوا أخطاءهم هذه هناك.. أم أنت فمصرّ أن ترتكبها
هنا. تقف أمام الباب الأزرق العملاق.. لقد دفعت المبلغ بالفعل. ألصقت الباب بجدار
في حجرة نومك. تحت ضوء الأباجورة الصغيرة تتأمل زرقته الفريدة. بحر تتطلام أمواجه
على نحو مصغر بمنزلك. ألا تشعر أنك محظوظ؟
فقط يمكنك أن تري بحرًا حقيقيًا خلفه.. فقط عليك أن تعبر.. ترتجف أصابعك..
تحاول اتخاذ قرار.. متشوق لأن ترى ما خلف الباب، لكنه ليس شوقًا كافيًا كما يبدو.
وخائف أيضًا من ألا تتخذ القرار نفسه حتى لا تندم فيما بعد!
ساعات اليوم تتناقص.. المدة قاربت علي الانتهاء.. فيما يشبه لحظة التجلي
تدرك أنك تعيس ليس لأنك لا تجد السعادة.. بل لأنك غير قادر على التعامل معها
أصلًا.. بسبب هذا تركتك حبيبتك بسبب جبنك وترددك.. بسبب هذا فُصلت من عملك بسبب
تأخرك في اتخاذ قرارات مصيرية غرّمت الشركة ألوف الجنيهات.
بسبب هذا تعيش في خواء مطبق كالصمت! تتأرجح بينهما كبندول الساعة. تتساقط
حبات عمرك في تؤدة من يملك الأبد! لكنك- اعترف- لا تملكه للأسف!
بعد هُنيهة أخرى- وفيما يشبه الومضة- تُدرك أن
مشكلتك الحقيقية اتخاذ قرار في الوقت المناسب.. هنا.. أو هناك!
ترتجف أصابعك مرة أخرى.. ثم..
..............
عارف فكري
كالعادة .... راااااءعة
ردحذفتسلمي يا أستاذة.
ردحذف