الثلاثاء، 25 فبراير 2014

الارتجالة السادسة والثلاثون: تراجيديا

كانت تتحرك في سرعة بين الأواني، تضيف بعض الملح هنا أو الماء هناك، تحرك المغرفة، ترفع إلى فمها ملعقة محملة بالمرق، تتذوق وتنفرج أساريرها...
كانت منشغلة بكل حواسها.. مر الأزيز جوار أذنها، لم تعِ أمر تلك الحشرة الضئيلة قبل أن تعود لتقف على مضرب العجين، حركت يدها في عصبية... الذبابة دارت دورة واسعة قبل أن تعود لتقف على الصينية تتحرك نحو العجين... دفعتها في ضيق، الذبابة عاودت الطيران نحو الضوء قبل أن تعود لتطير بين عينيها وتحلق حول الصينية. زفرت في ضيق، نهضت في غضب...
الذبابة اندفعت نحو الأعلى ووقفت على السقف.. رمقتها في تهديد.. انتظرت حتى اطمأنت لسكونها، عادت لمضرب العجين وكعكتها... باغتتها الذبابة وقد تحركت على سطح العجين...
كادت أن تقلب الوعاء بما حوى وهي تنهض متأففة.. حركتها متشنجة، الذبابة تطير في دوائر وهي تئز قبل أن تستقر على دولاب الصحون...
قصدت إلى الذبابة، عيناها زائغتان، يداها ترجفان من الضيق.. ابتعدت الذبابة قبل أن تصل إليها، بصرها معلق بها، تتحرك نحوها من جديد وقد عزمت على قتلها، تتعثر بوعاء العجين.... ينقلب بما فيه. تسقط على ركبتيها، تصطدمان بحافة الوعاء، تصرخ من الألم...
تنهض متحاملةً على نفسها... تطارد الذبابة في أنحاء المطبخ...
الذبابة تخرج إلى صالة المنزل، تخرج في أثرها مهرولةً، لاهثة قبل أن تغيب عن نظرها... تفتش عنها في كل مكان دون جدوى.
تعود إلى الوعاء المقلوب... العجين الذي لوث الأرض..
تشهق في عمق.. تجمع العجين من الأرض وقد انطبعت فيه آثار قدمها لتلقيه في سلة القمامة وتبدأ من جديد...


أحمد سمير سعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق