الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

الارتجالة الرابعة، النص الخامس: المحروق

(نسوة بلا رجل).. كان هذا ملخص حياتنا معًا، وكان هذا أيضًا تعريف أهل الحارة لنا خلال أحاديث النميمة..
(المحروق).. لقب أبي المفضل على لسان جدتي الذي لا يتوقف عن الحركة، إما تسبيحًا، أو حديثًا مع أشباح، أو نداء عليّ وعلى أمي.. تُرى.. هل كانت تتنبأ بنهايته!!
(آه).. إجابة أمي الدائمة كلما سألتها عنه.
(اقلبي).. طلبي المستمر لأمي المنهكة في جلساتنا المسائيّة أمام التليفزيون، مع كل ضغطة أتوقع أن أراه.. زاد معدل طلبي بعد أن اشترت أمي الدش بعد إلحاح منّي.
(مين؟).. كان سؤال المسؤول في المسرح القومي صادمًا لي.. كنت أحلم بخبرٍ أزفّه إلى التعيستين، يطربان له بعد طول انتظار.
(ابتسامة).. افتتحت إجابتها بها عندما سألتها لماذا تُلقبه بـ(المحروق)، ثم أردفت: "هو فيه محروق بيثبت ف مكان، بيفضل يجري ويجري وهو مش داري إن النار اللي بيهرب منها بقت حتة منه!".
("ستة وعشرين..أيوه هو ده العنوان").. نطق بها سائق سيارة الإسعاف عندما أنزلوه ملفوفًا في بطانية، وشاهدت كفّه المحترقة.
"كان بيعرض ف بني سويف، ولما حصل اللي حصل حلفنا منودهوش المستشفى، ونجيبه هنا".
(بس).. صرخت بها جدتي في أمي التي استطاعت البكاء، لا أعلم هل تبكيه أم تبكي عمرها بأثر رجعي.. "بس.. بتعيطي ليه؟.. ده إحنا أخيرًا عرفنا مكانه!".

طارق رمضان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق