السبت، 7 يناير 2012

الارتجالة التاسعة يونيو 2010: أرضي


ضربته لم تؤثر في الأرض العنيدة فصار مجالاً للسخرية.
يقوم أثناء نومهم ويتأمل أذرع إخوته الضخمة، والعروق المتشابكة كفروع شجرة عملاقة تحيله إلى المرآة اللعينة.
يتعلق بباب الدار ويحاول رفع جسمه الهزيل، لكن سواعده لا تتحمل، فيقع على الأرض.
يتسلل وقت القيلولة حاملاً إيّاه، تحت الشمس المحرقة يرفعه بصعوبة، وبكل ضعفه يضرب الأرض التي تنثر ترابها في وجهه وفي عينيه اللتين تدمعان، يظل يجري ويجري حتى ابتعد عن كل مكان يعرفه!
***
الأرض التي تنبت ورقًا وترابًا باستمرار مازالت تتحداه، وظيفته أن يحصدها من كل ما علاها، ويجعلها ملساء مستوية نظيفة كما يقولون، يمر الملاحظ يوميًّا، مثنيًا عليه أحيانًا وموبخًا إياه في أحيان أخرى.
وحيدًا في الحجرة التي يقطنها يغسل زيَّه المميز، إنّها العشر الأواخر من رمضان، لا يريد تذكر أيام رمضان والعيد هناك، فأمامه مهمة عاجلة، يفتح سحارة الكنبة ويخرج الكيس القماش، وكلما مر به أحدهم معطيًا إياه ورقة أضاف الرقم إلى ما معه وحسب الناتج.
كل ما يعيش من أجله أن يعود إليهم راكبًا سيارة... خاصة، فشل مع الأرض، وفشل في التعليم، ويبقى حلم.
عمله الصباحي لا يسعفه، لكن عمله المسائي بمساعدة هذا الزي يدر عليه ربحًا لا بأس به.
يوفر كل دخله لتحقيق الحلم، حتى أنه يرفض أن يذهب لطبيب مع تكرار وجع الجنب... لكن مع اشتداد الألم ذهبوا به إلى مستشفى، وهناك عرف أن كليته في حاجة إلى غسيل، نظافة، كاد يضحك، بل لعله ضحك، واستمر في الضحك مرتين أسبوعيًّا حتى...
...
السيارة تطأ الأرض التي كنسها مرارًا...
وتعود إلى الأرض التي سخرت منه
يحفرون، وتضمه الأرض في شوق...
يرحلون، ولم تبك عليه سوى السماء المتعاطفة!
طارق رمضان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق