السبت، 18 فبراير 2012

الارتجالة الخامسة عشر: النص الأول


 تتشبه الأماكن بصورة أصحابها، ربما من كثرة معايشتهم لها أو من كثرة معايشتها لهم، تبدأ الجدران بالتلون بلون الذكريات، يميل لونها للاصفرار الملائم للون الحزن فيبدو وكأنه اللون الغالب على معظم الجدران. فقط تبدو بعض الأجزاء المجاورة للنوافذ وقد مالت إلى اللون الوردي البسيط في تلك اللحظات التي لا تشهد ملامح الفرح سوى عندما نتطلع إلى خارجها.. إلى صخب الأطفال المارين بالشوارع أو إلى خيوط الضوء الذهبية النافذة إلى المكان فتبدد بعضًا من ظلمته..
تنكمش الكراسي والأسرّة والطاولات.. تتهدّل فوقها الشراشف تنكفئ الأكواب وتنحني قامات المزهريات القليلة المتناثرة في الأركان، تتسلل إلى الأنوف رائحة مكتومة تعكس همس فراق وشيك. إذا نظرت إلى (حروفات) المرايا طالعتك خيوط منحدرة من دمعٍ صامت، وإذا تصنّت بأذنك في الأركان قد تنجح في التقاط صوت شهقات متقطعة لنحيبٍ مكتوم.
للبيوت مشاعر حميمة تنضح بالوهج وذاكرة لا تعرف النسيان وأرواح حية تخشى أيضًا نفس المصير المجهول.
دينا خطاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق