عزيزتي مارية،
أشتاق لصعود جبل
كاترين، قبل عودتي لمصر إنتابتني رغبة قوية في المشي طويلاً، فاشتريت لنفسي زوج من
أحذية التحمل، بعدها أخبرني صديقي عن مخططه لمخيم تدريبي عن مهارات العيش في
الصحراء!
أمثالي من سكان
المدينة، يعجزون عن إتمام مهمة بسيطة كإشعال النيران في الحطب، أو تحديد الإتجاهات
الأصلية ليلاً. أخبرني محمود أن النجاة لفترة طويلة في البرية يحتاج لذهن متقد
ومجهود عضلي قليل نسبيًا، فنسبة الجهد الذهني اللازم للبقاء على الحياة حينها هو
أربع أضعاف الجهد العضلي، ولكن الجاهل يهلك لقلة الخبرة، فيستهلك طاقته عضليًا..
كيف أفسدنا نمط الحياة، فعدنا منفصلين عن الكون الواسع، يأكلنا الإغتراب!
لم أكن أعرف كيف أشعل
نارًا، أعلم جيدًا أن الأكسجين غاز لايشتعل ولكنه يساعد على الإشتعال، وأعلم أن
الإحتراق في صوره البسيطة يحتاج للأكسجين والحرارة ليبدأ.. هذا ما تعلمته في
المدارس. وأنا ابنة الأكاديميا؛ أعجز عن إشعال نارًا في الحطب بدون
"ولاعة" أو أعواد الكبريت!!
وحدها؛ صورة ساذجة في
رأسي، عن إرتطام صخرتين، مولدًا للشرار!
عزيزتي مارية،
يمزح زميلي عن جهلنا
سكان الحضر بطريقة إشعال أعواد الذرة "قوالح" الجافة، يخبرني ببساطة، من
اللازم وجود ممرًا هوائيًا رأسيًا يسمح للهواء بالسريان، وتواجد مصدر للحرارة
ستشتعل الأعواد ببساطة! فيسرع عقلي في الترجمة.. ممرًا للهواء أي مدخلاً للإمداد
بالأكسجين، ومصدر الحرارة هو اللازم للإشتعال.. أعواد الذرة، غنية بمركبات الكربون
العضوية، وذرات الكربون كما أعلم طلابي، متعطشة دائما للأكسجين!!
يكمل الزميل مزاحه،
ولكنكم حريصون على تعقيد الأمور..
رضوى داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق