الأحد، 13 فبراير 2011

الارتجالة السادسة مارس 2010: النص السابع


      أصرَّت أن يشتري نصف متر من القماش في بكارة الصباح، وأن يُدفن بجوار جدتها بالصعيــد.. وقد فعـل، رغم أن الجنين لم يكن قد شارف على السابعة بعد، ورغم أنها ترقد هناك في تلك المستشفى الاستثماري الجليدية!
      بعدها بخمس سنوات وجدتُها تعبر ميدان الوليد (رمسيس سابقًا)، تجرر خلفها طفلة وتسند بباطن كفها طفلاً لم تكن تدري بعد أذكرٌ هو أم أنثــى؟!
      وبعدها، عندما غيَّروا النشيد القومي إلى النشيد الوطني، وأيضًا عندما غيَّروا العَلَم الملـون إلى العَلَم أحادي اللون، عرفتُ حينها أنها قد شرَّقت ثم شمَّلت ثم غرَّبت ثم شرَّقت. عرفتُ كل ذلك في يوم واحد وفي ساعة واحدة وبجملة واحدة، وكأن هذا العــالم الذي عشتُ به ولم أعش هو كعيـن شمــس، أو ربما كجزيرة محمد.
      بعدها سمعت عن ابنها الذي رأيته مكـوَّرًا مرة.. سمعتُ أنه يريد أن يعود إلى أراضي اللون الواحـد، لكن البلاد ماطلت ثم رضخت له في النهاية، فكان إنشاء جمعية لحقوق الحيوان والبيئة، وعندما أراد أن يبدأ من حيث نشأت أمه.
      عشق الجنوب فأخذ يذهب إلى جنوب الجنوب حتى خرج من البلاد مع قافلة عابرة، وعندما باعوه إلى الرجل الضئيل ذي الأسنان البيضاء، أعجبته بشرته التي نال منها مناخ الغرب، فطبخه مع بعض البهارات الهندية، وتناوله حتى شعر أن كفَّ يده أصبح أكثر أنثويــة وأكثر بياضًــا.

 محمد سيد عن هدى فايق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق