"أنا مش أحمد علي"..
يصرخ بها وهم يحملونه حملاً تجاه البئرين خلف الجبل..
"يا اخوانّا أنا مش أحمد علي".. يقولها متضرعًا لكنها تذوب في غنائهم الأشبه بالعويل:
يا أحمد علي يا أحمد علي لبسني خلخالي..
- خلخال إيه.. وانتي أساسًا رجلك تخينة!
يمرون من بين الجبلين وهم يقتادونه إلى مصيره أو مصيرهم المحتوم.
تولول إحدى النسوة: هاتلي دهين راسي..
فيتملص من حراسه ويميل عليها: وعايزاه اتنين في واحد ولا أي حاجة ضد القشرة؟!
ثم يلتفت إلى الجمع: أنا مش أحمد علي.. وعيب قوي اللي بتعملوه ده.. دي مش أخلاق ولاد الكلب!
يشهق الجميع وينظرون إليه في غضب؛ فيرفع يده معتذرًا: مش أخلاق ولاد القرية..
ثم يضع نفسه بين حراسه: اطلع بينا ع البير.
"بيع نخلنا كله"
- أبيع النخل؟! وبعدين بترجعوا تزعلوا.
- يميل عليه العم: اتشجع يا احمد علي يا بني، اللي هتعمله ده البلد هتفضل فاكراه.
- طب يا عمي ماتقوم انت بالمهمة دي.. وانا هافتكرك.
- اتحشِّم يا ولد.
"خلف بنات"
- اتفضل يا عمي.. بيقولك خلف بنات (موجهًا كلامه للجميع) ما هو الرجالة بتضيع اهه.
يصل الموكب إلى البئرين.. فيستوقفهم الجد ويضع يده على كتفه: أحمد علي..
- أنا مش زفت..
- أحمد علي يا بني.. المطر شح والترع نشفت.. وماتفضَّلش غير البيرين دول اللي واحد فيهم مسموم.. واخترناك إنت عشان تجرب تشرب منه.. ويبقى إنت شهيد القرية.
- وهتعملولي نفق باسمي؟!.. يا حج طب طلعتلك الرقم القومي عشان تتأكد إن أنا مش أحمد علي.
- يا أحمد علي يا بني إحنا برضه ف قلبنا رحمة.. هانسيبك إنت اللي تختار.
- لا يا شيخ؟!! ده أوبشن جامد جدًا.. أنا هشرب من البير اللي فيه خلاط سخن وبارد.
يشرب من أحد البئرين.. لحظات ويمسك رأسه متألمًا: أنا اتسميت.
يلكزه عمه: اللي بيتسمم بيمسك بطنه.
منتبها: آه معلش.. آه يا بطني أنا اتسميت.
يصيح الجد: أحمد علي بيخدعكم البير اللي شرب منه سليم.. اشربوا وارووا عطش الـ...
يندفع الجميع ولا يسمعونه.. يشربون كالهيم.. ثم يتساقطون واحدًا تلو الآخر..
يندفع العم ليتشبث به: ليه كده خدعتنا؟
- زي ما كنتوا عايزين تضحوا بيا.
- طب ما أنت يا غبي هتموت معانا.
يسقط بجواره وهو يقول: أنا معرفش أعيش من غيركم!!
كريم فراج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق